الخصائص العامة الإسلام : العالمية والتوازن و الإعتدال
1) النصوص : الآية 158 من سورة الأعراف + حديث عبد الله بن عمر
أ- مدلولات الألفاظ والعبارات :
- يا أيها الناس : خطاب للجميع العربي والعجمي والأحمر والأسود .
- وكلماته : جميعالكتب السماوية السابقة أو ( تشريعاته ).
- متين : متُن – متانة صلُب واشتد وقوي ، فهو متن ومتين .
- فأوغل : يقال أوغل في العلم أو الدين : ذهب وبالغ وأبعد .
- المنبت : انبت : انقطع ، والمنبت هو من يبالغ في طلب الشيء ويفرط حتى ربما يفوّته على نفسه .
ب- استخراج المضامين :
1- تدل الآية الكريمة على أن سيدنا محمدا t رسول من الله إلى الناس كافة ودعوته عالمية وشاملة .
2- تحذير النبي t من التشدد والغلو وبيان عاقبته ، وإرشاده إلى التوسط والاعتدال .
3) تحليل ومناقشة عناصر الدرس :
I – خاصية العالمية :
أ- مفهوم العالمية :
هو أن رسالة الإسلام غير محدودة بعصر ولا جيل ولا بمكان فهي تخاطب كل الأمم وكل الأجناس وكل الشعوب وكل الطبقات وهي هداية رب الناس لكل الناس ورحمة الله لكل عباد الله ،
ب- الأدلة على عالمية الإسلام :
- فمن آيات القرآن : قوله تعالى : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جمبعا...) وقوله : ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) وقوله تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .... وغيرها .
- ومن السنة : قوله t[ أنا رسول من أدركت حيا ومن يولد بعدي ] وقوله t : [ والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يومن بي إلى دخل النار [ رواه مسلم .
- وعالمية الإسلام آمر من صميم هذا الدين مركوزة فيه بحكم طبيعته تجسد منذ البداية رموزا في ( بلاد الحبشة ، وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وعمر القرشي ) ، وأيضا كتب الرسول t إلى أمراء وملوك عصره تؤكد ذلك.
ج- أهمية عالمية الإسلام : وتتجلى في :
- تعايش الناس في سلام وأمان متآخين مترابطين على أساس مبادئ الكرامة الإنسانية والمساواة والحرية.
- القضاء على العنصرية والعصبية والطبقية بكل أشكالها– كما في الآيات والأحاديث الكثيرة
- انتشار عقيدة الإسلام في جميع أنحاء العالم منذ نزوله وإلى يومنا هذا، ويعتبر في عصرنا الحاضر من أكثر الديانات انتشارا بين الناس عن حرية واقتناع رغم المؤامرات التي تحاك ضده .
- حماية حقوق الإنسان ومبادئها الكونية .
د- مظاهر عالمية في الإسلام :
- ختم الرسالات السماوية السابقة ونسخها بالإسلام وجعله عالميا إلى كافة الناس ، قال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
- كونه رسالة ربانية إنسانية رحيمة بالإنسان قال تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) .
- كونه دين سلام وتسامح لاعنت فيه ولا تشدد ولا تطرف ولا غلو .
- كونه يحقق المساواة المطلقة بين الناس ويقضي على كل الفوارق ...
- كونه خالدا ومتجددا يسد حاجات الناس جميعا في كل زمان ومكان .⋯
II- خاصية التوازن والإعتدال : ( الوسطية )
أ- مفهوم التوازن والإعتدال :
التوازن والإعتدال قرينان ومترافدان ، والمقصود منهما : التعادل والتوفيق بين الشيئين المتقابلين المتضادين بحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه ويطغى على مقابله .
• أمثلة للاطراف المتقابلة أو المتضادة في حياة الإنسان : الروحية والمادية ، الفردية والجماعية ، الدنيوية والأخروية الثبات والتغير ، وغيرها .
• ومعنى التوازن بينها : أن يفسح لكل طرف منها مجاله ويعطي حقه بلا غلو ولا تقصير .
• بعض الأدلة الشرعية على وسطية الاسلام واعتداله: فمن القرآن قوله تعالى : (( وكذالك جعلناكم أمة وسطا.. )) .
وقوله تعالى : (( والسماء رفعها ووضع المزان...)) وقوله تعالى : (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما))
ومن السنة قوله t: ( إياكم والغلو في الدين فإن الغلو أهلك من كان قبلكم). وقوله t : ( إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه ).
ب- أهميتهما في الإسلام :
من حكمته سبحانه ان اختار التوازن والإعتدال شعارا مميزا لهذه الأمة التي هي أخر الأمم ولهذه الرسالة الخاتمة وبعث بها خاتم رسله جميعا وتتجلى الأهمية فيما يلي :
- أن ذالك يمثل منطق الآمان والبعد عن الخطر فالإسلام متوازن في الإعتقاد والتصور وفي التعبد والتنسك وفي الأخلاق والأداب وفي التشريع ..........
- أن ذالك طريق الوحدة الفكرية ومركزها ومنبعها ولهذا تثير المذاهب والأفكار المتطرفة من الفرقة والخلاف بين أبناء الأمة الواحدة ما لا تثيره المذاهب المعتدلة في العادة .
- أن ذلك يجعل المسلم متوازنا ولايشعر بأي تعارض بين عمله لدنياه وعمله لدينه بإعتبار كل عمل صالح عبادة وذلك منبع قوة شخصية المسلم في كل سلوكاته وأعماله ومفتاح نجاحه في الدنيا والأخرة
الخاصية العامة للإسلام: التجديد والإنفتاح على قضايا معاصرة
1- النصوص : الآية 89 من سورة النحل + حديث أبي هريرة حول المجدد + حديث تأبير النخل.
أ- مدلولات الألفاظ والعبارات :
- تبيانا : توضيحا وتفسيرا واستيعابا لكل شيء
- يجدد : يحيي التدين في نفوس الناس ، ويجتهد في استيعاب الإسلام لقضايا العصر .
- الظن : العلم بغير يقين ، وإدراك الذهن الشيء مع ترجيحه وقد يكون مع اليقين .
ب- استخراج المضامين :
1- بيان استيعاب الإسلام لجميع التطورات الحاصلة ، وقدرته على حل الإشكالات المستجدة عبر العصور .
2- فتح المجال أمام العلماء المتخصصين للاجتهاد والتجديد والبحث عن الحكم الشرعي المناسب للقضايا المستجدة التي لا نص فيها .
3- وجوب تضافر جهود علماء الأمة من مختلف التخصصات للقيام بواجب الاجتهاد وتجديد الدين .
3- تحليل عناصر الدرس :
أ- مفهوم التجديد :
التجديد لغة : توضيح الشيء وتصييره جديدا .
واصطلاحا : هو الاجتهاد في القضايا الجديدة التي تظهر في الزمان والمكان يمارسه علماء الأمة لتحقيق خاصية الانفتاح والتوصل إلى الحكم الشرعي المناسب .
المجدد : هو العالم المتميز بالورع والتقوى المستوعب للقرآن والسنة وعالم بقواعد اللغة العربية ، العارف بالوقائع والأحوال التي يعيشها عصره المطلع على الثقافات السائدة وحاجات الناس المتجددة .
ب- مجالات التجديد : لتجديد الدين مجالان هما :
1- الثوابت القطعية : والتي قررها ديننا المتعلقة بالعقائد والعبادات وأصول المعاملات وغيرها ، وتجديدها يكون بإزالة الآثار السلبية التي تصيبها بفعل التقليد ، والابتداع ... يقول الرسول t( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ) ويقول t : ( جددوا إيمانكم.قيل يارسول الله،وكيف نجدد إيماننا؟قال:أكثروا من قول لاإله إلا الله ) الحاكم في المستدرك
2- النوازل والمستجدات الناجمة عن تغير أنماط العيش عبر الزمان والمكان : ويتم التجديد فيها بإعطائها الحكم الشرعي المناسب لها .ومن ذلك الاجتهاد والتجديد في تدبير شؤون الحياة الاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية والفنية والتقنية وغيرها مما لا يعارض مقاصد الإسلام وقيمه فذلك مطلوب وممدوح لقول الرسول t( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ....الحديث)
ج- ضوابط التجديد : ليحقق التجديد مهمته على أتم وجه لا بد من مراعاة ما يلي :
1- فقه الشرع : من طرف المجدد بتوفره على مجموعة من الشروط ، كالعلم بالقرآن والسنة وما يتعلق بهما من قواعد ومتمكنا من علوم اللغة والفنون الأخرى المساعدة على الفهم ومراعيا مقاصد الشريعة الدائرة على ( جلب المصالح ودفع المفاسد ) وأن يكون تقيا ورعا مخلصا لله.
2- فقه الواقع : باستيعاب واقع الناس الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والبيئي بصفة شاملة حتى يتمكن المجدد من إصابة مقصود الشرع في ما جد من قضايا ونوازل ... وفي العصر الحاضر يجب أن تتضافر جهود الجميع من مختلف التخصصات للقيام بواجب التجديد والاجتهاد .
د- ضرورة الانفتاح والتجديد في تطور المجتمعات الإسلامية :
تجديد الدين أصبح ضرورة وفريضة في هذا العصر لكثرة التحديات التي تواجهها الأمة في ظل العولمة لتحافظ على هويتها وتساهم في بناء الحضارة ، والشريعة الإسلامية تمتلك من عوامل المرونة ما يجعل أحكامها تساير كل مستجدات العصر وتستوعب كل قضايا الإنسان في مختلف الأزمنة والأمكنة ولذلك دعا الإسلام إلى الاجتهاد في استنباط الأحكام المناسبة اعتمادا على القواعد العامة التي قررها . وقدر الثواب الجزيل لهذا العمل الجليل كما جاء في الحديث ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد )
- و بذلك استوعب الإسلام كل القضايا المستجدة المتعلقة بحقوق الإنسان وحماية البيئة واستثمار تكنولوجيا الإعلام والاتصال والتوعية الصحية وغيرها مما تتيسر به سبل الحياة في عصرنا الحاضر لأن ذالك من صلب مقاصده وأسمى غاياته .. وفيما يلي نماذج لبعض القضايا من ثلاث مجالات : تعبدي – ومالي – وطبي .
· (المجال التعبدي) كالصلاة في الطائرة والقطار والحافلة وغيرها من وسائل النقل الحديثة إذا طالت الرحلة حفظا للدين بأداء الصلاة في وقتها ...
· (المجال المالي) كالتأمين التعاوني بالتعاقد بين جماعة من الناس يربطهم مجال معين، وهو جائز لمنافعه وتحقيقه مبدأ التعاون والتكافل .
· (المجال الطبي) كنقل الدم تبرعا من شخص صحيح إلى آخر مريض : وهو جائز لما يحققه من مصالح العباد بحفظ النفوس وتحقيق مبدأ الإيثار والتعاون .. وغير ذلك ، مما يدل على مرونة الإسلام وسعته وشموله لكل جديد وهو ما يجعله قابلا للتطبيق في كل زمان ومكان . والله أعلم
الإيمان بالغيب : مفهومه وضرورته
1- النصوص : الآيات (1-5) من سورة البقرة + الآية 177 من نفس السورة
- استخراج المضامين :
- دعوة المومنين وترغيبهم في الاتصاف بصفات أهل الهداية
والفلاح ليسلكوا سلوكهم فيهتدوا ويفلحوا في دنياهم وأخراهم . - الحث على طلب الهداية من القرآن الكريم . - الإيمان بالغيب وأركان الإيمان من سمات المومنين.
* تحليل عناصر الدرس :
• أقسام الوجود : ينقسم الوجود الذي نحيا فيه إلى عالمين : عالم الشهادة : وهو المدرك بالحواس .
وعالم الغيب : وهو محجوب عن حواس الإنسان لا يعرف إلى عن طريق الوحي وهو موضوع هذا الدرس.
1) مفهم الإيمان بالغيب :
الغيب لغة : كل ما غاب عن الإنسان وما لا يدركه حسه ، يقال غاب الشيء إذا استتر واحتجب .
واصطلاحا : هو ما استأثر الله بعلمه ولم يطلع عليه أحدا من خلقه إلا من ارتضى من رسول.
• والمقصود بالإيمان بالغيب : التصديق الجازم بكل المغيبات التي أخبرنل الله ورسوله عنها دون تردد أوشك.
• ما يندرج تحته : أركان الإيمان الستة التي تعد أصلا لما سواها ، كالبعث والنشور والجنة والنار والحساب والميزان والصراط والروح والجن..........الخ.
2) ضرورة الإيمان بالغيب : الإيمان بالغيب : خاصية إنسانية يتميز بها عن غير العقلاء اختبارا من الله .
- توسيع الإنسان حدود محيطه المادي الضيق المحسوس. وإدراكه أن الكون أكبر وأوسع من هذا الحيز الضيق الذي يعيش فيه .
- تحرير فكر الإنسان من الاشتغال بأسئلة وقضايا تتجاور إمكاناته ووسائله .
- توجيه جميع طاقاته الفكرية لدراسة سنن الله في الكون والاستفادة من ذلك في تنمية ذاته ومجتمعه في كل المجالات .
• العقل و الغيب : كل محاولة لإدراك حقائق الغيب بالعقل فهي محاولة فاشلة وتبدد طاقة العقل التي لم تخلق لمثل هذا المجال، والطريقة الوحيدة لمعرفة الغيب هو كلام الله سبحانه وسنة رسوله e.
3) أثار الإيمان بالغيب في حياة الفرد والجماعة : للإيمان بالغيب آثار إيجابية كثيرة في حياتنا منها :
- إعطاؤه معنى إيجابيا للحياة وقيما ضرورية للتعايش بين الناس في سلام وأمان .
- تنمية الشعور بوحدة البشرية ووحدة دينها – ورسلها – ومعبودها .(الإيمان بالكتب )
- الابتعاد من التعصب المقيت ضد الديانات الأخرى .
- تلمس رعاية الله للبشرية البادية في توالي الرسل عبر الأزمنة والأمكنة ....
- ربط الإنسان بالمصير والجزاء الذي ينتظره وإدراك الغاية من وجوده .(الإيمان بالآخرة)
- الشعور بأن الحياة الحقيقية هي الأخرى وأن الحياة الدنيا مجرد قنطرة ومعبر لها .
- تنمية التقوى في الضمير ومراقبة الله في السر والعلن .
- تربية الشخصية المتوازنة السوية القادرة على تنمية نفسها ومجتمعها .
- الإيمان بالغيب حصانة من الوقوع في شراك الخرافات والشعوذة والدجل......والله أعلم.